[size=29]
الاستعمار - يا إخوانى - له أشكال مختلفة.. الاستعمار له أشكال متلونة.. الاستعمار أول ما بدأ كان يتمثل فى الاحتلال بالقوات المسلحة، وبعد هذا أخذ يتطور ويتطور ويتطور. النهارده الاستعمار بيتمثل فى أعوان الاستعمار.. الاستعمار بدون جنود، وبدون قوى مسلحة بيستطيع أن يحقق مآربه، ويستطيع أن يحقق أغراضه بواسطة أعوانه من الخونة الذين يتواجدون فى كل بلد.. وبيتواجدوا ويأخذوا منه السلطة ويأخذوا منه النفوذ، وبعدين يستولوا على السلطة فى البلد دى، وتكون البلد دى تابعة له وتحت إرادته بدون قوة مسلحة، وبدون احتلال، وبدون أسلحة. الاستعمار كان بيتلون ويتشكل
آلينا على أنفسنا ان احنا نقاوم الاستعمار بجميع أنواعه؛ الاستعمار السافر، الاستعمار المسلح، الاستعمار المصحوب باحتلال، والاستعمار المقنع تحت أشكال أعوان الاستعمار، وتحت شكل المحالفات، وتحت شكل الاتفاقات اللى بتعتبر فيها الدول ذيول وأذناب
وبدأ الاستعمار يتآمر من حولنا ويحيط الدسائس؛ حتى يستولى على الدول العربية دولة دولة.. يضع يده عليها دولة دولة، وبهذا يحاصرنا.. يحاصرنا من جميع النواحى، وبهذا يستطيع انه يملى علينا إرادته؛ فقاومنا.. قاومنا هذه الدسائس، وكان الوعى العربى وكانت القومية العربية قد استيقظت، واشتعلت، واتقدت فى جميع البلاد العربية.. فى كل مكان؛ فلم يستطع الاستعمار أن يحقق أغراضه، ولم يستطع الاستعمار أن يحقق أهدافه، وانتصرت القومية العربية.. انتصرت حركة التحرير العربية.. انتصرت القومية العربية على الاستعمار، وهزم الاستعمار شر هزيمة
هزم الاستعمار فى ديسمبر الماضى فى الأردن، حينما أرسل "جنرال تمبلر" ليجبر الأردن كان الاستعمار بيعتقد انه قوى، وقوة هائلة، وان الأردن - اللى بيتكون من مليون ونص أو اتنين مليون - سيخضع ويخنع، ولكن رئيس أركان حرب الإمبراطورية البريطانية "جنرال تمبلر" هرب من الأردن.. هرب رئيس أركان حرب الإمبراطورية؛ لأن القومية العربية انتصرت.. القومية العربية انتصرت وآمنت بنفسها، وآمنت بقوتها، وآمنت بحقها فى الحياة.. القومية العربية انتصرت.. القومية العربية اشتعلت، ولم يستطع الاستعمار أن يحقق أبداً أى غرض من أغراضه
وبهذا كان حلف بغداد؛ اللى هو بيعتبره وسيلة من الوسائل ليتحكم فينا، ويتحكم فى رقابنا، ويستطيع أن يقيدنا بالسلاسل، ويملى علينا إرادته.. حلف بغداد وقف زى ما هو.. اتجمد.. ما قدروش يضموا له أى دولة عربية؛ بفضل الوعى العربى، وبفضل القومية العربية، وبفضل الرأى العام العربى
إذن - يا إخوانى - دخلنا معارك.. دخلنا معارك فى مصر، والعرب دخلوا معارك فى خارج مصر.. فيه معارك فى الوطن العربى كله.. الاستعمار عاون فرنسا فى الجزاير وفى تونس وفى مراكش. قوات حلف الأطلنطى؛ اللى عملوها وسلحوها، وبقى لهم خمس سنين بيسلحوا فيها - واللا أكتر من خمس سنين - وبيصرفوا عليها بلايين الدولارات، كلها انتقلت من أوروبا إلى شمال إفريقيا؛ لتقاتل الناس اللى بيطالبوا بحقهم فى الحرية، وبيطالبوا بحقهم فى تقرير المصير.. الناس اللى بيطالبوا بحقهم فى الحياة. أمريكا زعيمة العالم الحر تؤيد فرنسا المستعمرة فى تقتيل الجزائريين فى الجزائر، بريطانيا تؤيد.. الدول اللى بتنادى بنفسها وبتقول: ان احنا زعماء العالم الحر، وان احنا اللى بنتمنى الحرية.. احنا اللى بنتمنى الحرية وبنتمنى تقرير المصير، الدول اللى عملت ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، الدول اللى عملت إعلان الأطلنطى.. أعلنه "روزفلت": لكل شعب أن يقرر مصيره.. ولكل شعب أن يكون حر
الكلام دا كله نسيوه أو تناسوه، وابتدوا يحاربوا القومية العربية فى الجزاير.. سنتين النهارده جيوش الدول دى كلها بتحارب فى الجزاير.. بتحارب 10 مليون جزائرى، هل استطاعوا أن ينتصروا على الجزائر؟
لقد استطاعت القومية العربية فى الجزائر أن تهزم فرنسا وتوقع بها أشد الهزائم، واستطاعت القومية العربية فى الجزائر أن تهزم حلفاء فرنسا اللى بيصرحوا لها بالأسلحة؛ أمريكا وبريطانيا ودول الأطلنطى كلها، بل استطاع المجاهدون فى الجزائر.. استطاعوا انهم بأسلحتهم البسيطة المحدودة يقضوا على القوات المسلحة بالدبابات والمدافع وأكبر الأسلحة.. القوات اللى كانوا الإنجليز والأمريكان مجهزينها علشان تقف قدام روسيا.. بعتينها للجزاير.. ما قدرتش تقف قدام الجزاير
دا معناه إيه يا إخوانى؟ القومية العربية اشتعلت - زى ما قلت لكم - من المحيط الأطلسى إلى الخليج الفارسى، القومية العربية تشعر بوجودها، تشعر بكيانها، تشعر بقوتها، وتشعر بحقائق الحياة
هذه هى المعارك اللى احنا بندخل فيها.. ما نقدرش نقول معركة الجزائر دى مش معركتنا، وما نقدرش نقول إن معركة الأردن فى ديسمبر ماكانتش معركتنا، وما نقدرش نقول إن معارك الأحلاف مش معاركنا؛ لأن احنا إذا قلنا هذا نتنكر لعروبتنا، ونتنكر لقوميتنا، ونتنكر لنفسنا، ونتنكر لمصريتنا؛ لأن مصائرنا مرتبطة.. مصيرى هنا مرتبط بمصير أخويا فى الأردن، وأخى فى لبنان وفى سوريا وفى كل بلد، وفى السودان مصائرنا مرتبطة. احنا اتخلقنا كده فى هذا المكان من العالم، مصائرنا تؤثر على مصائر البعض.. مصير كل واحد فينا يؤثر على مصير الآخر، ما نقدرش نقول أبداً إن دى مش معاركنا.. هذه معاركنا.. معارك كل فرد فيكم.. معارك كل فرد من أبناء العروبة
إيه اللى عايزه الاستعمار؟ الاستعمار عايز ان احنا نكون تابعين، وحينما يأمر نلبى أى أمر.. نكون تحت الأمر. فيه دول كتيرة متبعة هذه الطريقة، تعرفوها ومافيش داعى إنى أقول أسماءها وأعمل أزمات دبلوماسية أو أزمات سياسية. الدول دى كل واحد فيكم يعرفها.. الدول اللى بتاخد أوامر.. بتنفذ الأوامر.. اللى بيتولى الأمر فيها صنائع الاستعمار وأعوان الاستعمار، واللى لا يؤمنوا بنفسهم ولا يؤمنوا بوطنهم، ولا يؤمنوا بقوميتهم، ولكنهم يؤمنوا بالسفراء والمندوبين السامين إلى آخر هذا الكلام
عايزينا نبقى بهذا الشكل؟ مش ممكن.. قامت ثورة ليه؟! الشعب قاتل ليه؟! الشعب كافح ليه؟! الناس اللى ماتوا مننا سنة 19 وسنة 36، وقبل كده على مر السنين، هل كانوا بيقاتلوا ويموتوا علشان برضه الأخر نبقى تابعين ناخد أوامرنا من أى بلد من البلاد؟! عايزين مننا ان احنا لما نسمع أوامرهم.. طبعاً نسمع أوامرهم بخصوص إسرائيل، يقول لك: إسرائيل حقيقة واقعة كما هى الآن، طلبات إسرائيل يجب أن تلبى، حدود إسرائيل موجودة.. بتقول لهم وأهل فلسطين؟! يقول لك دا موضوع نبقى نتكلم فيه بعدين.. موضوع يعنى مؤجل
طب دول عرب زينا؟! يمكن انتم يعنى ما تنظروش إليهم النظرة اللى احنا بننظر إليها.. عرب فلسطين اللى شردوا، حقوق شعب فلسطين؟ يقول لك: ندفع لهم شوية فلوس. مش كل واحد يبيع بلده بالفلوس.. فلسطين دى بلد قديمة لها آلاف السنين.. يمكن انتم بلدكم بقى لها 100 سنة أو 200 سنة بس، عمرها صغير مالهاش تاريخ طويل. احنا بنعتز بأرضنا وبنعتز بهذه العروبة وبنعتز بوطنا.. وطن الواحد فينا وأرضه لا تقدر بتمن ولا تقدر بمال، ولكن انتم يمكن بتنظروا نظرة مادية.. احنا ما ننظرش للأمور - كشرقيين - هذه النظرة المادية.. احنا يمكن عندنا النظرة المعنوية تساوى أكبر مبلغ يمكن واحد يتصوره
كانوا عايزين مننا طبعاً ان احنا نسلم لإسرائيل بكل شىء، ونهمل حقوق عرب فلسطين ولا نتجه إليها، وعايزين مننا طبعاً ان احنا نتنكر لإخواننا فى شمال إفريقيا، ويمكن أكتر من كده عايزينا نوافق زى مجلس الأمن ما وافق.. مجلس الأمن من أسبوعين - اللى بتسيطر عليه هذه الدول الكبرى - وافق واعترف، وأقر قيام المذابح والمقصلة فى الجزائر؛ لأنه رفض انه يناقش موضوع الجزائر فى مجلس الأمن؛ كانوا عايزينا نتبع هذه الطريقة ونتبع هذا الأسلوب.. عايزينا ننفذ السياسة التى تملى علينا
أما قامت مصر وأرادت أن تكون لها الشخصية المستقلة، وأرادت أن تكون لها قومية حقيقية وعزة حقيقية وحرية حقيقية؛ منع عنا السلاح واتسلحت إسرائيل، وبدأ خطر إسرائيل يهددنا. ابتدينا نطالب بالسلاح من بريطانيا، وراحت بعثة لبريطانيا تطالب بالسلاح، قالوا لهم إيه؟ مستعدين نديكم سلاح على شرطين؛ الشرط الأول ان عبد الناصر أما يسافر باندونج يسكت خالص ما يتكلمش! والشرط التانى انكم تبطلوا تهاجموا سياسة الأحلاف وتسيبونا ننفذ خطتنا زى ما احنا عايزين. ما بقتش العملية بيع وشرا، بقت العملية استخدام السلاح للسيطرة والتحكم. طب هو احنا عايزين سلاح يقرر سياستنا، واللا عايزين سلاح احنا اللى نقرر سياسته؟! هل عايزين سلاح يقودنا ويسيرنا كيف يريد الناس اللى بيبيعوه لنا، واللا عايزين سلاح نستخدمه فى تحقيق أهدافنا، وفى تثبيت دعائم حريتنا واستقلالنا؟! طبعاً مافيش داعى أبداً ان احنا نجيب سلاح ونبيع وندفع فيه تمن.. ندفع شخصيتنا، وندفع فيه مبادئنا؛ وبهذا ما قدرناش ناخد سلاح. طالبنا بالسلاح.. وطالبنا بالسلاح بدون أى فايدة.. بالتمن، ماكناش طالبين سلاح مجاناً، ولا معونة ولا صدقة ولا حسنة
وبعدين استطعنا ان احنا نشترى سلاح من روسيا.. باقول من روسيا مش من تشيكوسلوفاكيا.. من روسيا.. اتفقنا مع روسيا على انها تمدنا بالسلاح، ووافقت روسيا على أن تمدنا بالسلاح، وتمت صفقة الأسلحة، وبعدين حصلت ضجة كبرى.. إيه الغرض من الضجة دى؟ بيقولوا: دا السلاح الشيوعى، مش عارف أنا فيه سلاح شيوعى وسلاح غير شيوعى؟! أنا أعرف السلاح اللى ييجى هنا فى مصر يبقى سلاح مصرى
وابتدت صحافتهم.. وبقيت استغرب إيه الضجة دى؟! وكل واحد بيستغرب إيه الضجة دى؟! إيه السبب فى الضجة؟ هم قالوا: إنهم عاملين خطة للحفاظ على ميزان التسلح فى الشرق الأوسط - زى ما هم فاهمين هذا الكلام - 70 مليون عربى ومليون صهيونى.. أما يدوا الـ 70 مليون عربى بندقية، حيدوا للمليون صهيونى بندقيتين؛ علشان باستمرار يكونوا متفوقين على العرب، ويكونوا عامل تهديد لهم
**********
دا حفظ التوازن، يدوا الدول العربية كلها طيارة.. أى دولة عربية يدوها طيارة ويروحوا لإسرائيل يدوها طيارة، ويقولوا: دا حفظ التوازن فى المنطقة.. أى توازن؟! ومين اللى عملوكم أوصياء علينا علشان تحققوا التوازن فى هذه المنطقة؟ هل احنا طلبنا منكم الوصاية؟! احنا شعب حر مستقل ولا نقبل الوصاية من أحد.. ما نقبلش أبداً. ولكن كان فى جيبهم سلاح.. احتكار السلاح.. الاحتكار اللى كانوا بيتحكموا به فينا، فحينما استطعنا أن نقضى على هذا الاحتكار، واستطعنا أن نحصل على الأسلحة التى نريدها بأسرع وقت - شفتوها فى الاستعراض اللى فات - نحصل على هذه الأسلحة؛ انهارت كل الخطط، ما بقاش فيه تحكم عن طريق السلاح.. ما بقتش فيه سيطرة.. لن يستطيع الاستعمار أن ينفذ أغراضه وأهدافه عن طريق الوعد ببعض الأسلحة
فيه واحد إنجليزى كان كاتب فى جريدة من الجرايد بيقول ان احنا عارفين العرب دول، كل ما يزعلوا نديهم شوية أسلحة كلعب يلعبوا بها.. كلام كاتبينه فى جريدة من الجرايد، علشان بس يضللونا ويخدعونا، وبعدين طبعاً يمسكوا إيدهم
ومين اللى قوم إسرائيل فى هذه المنطقة؟ مين اللى كان ماسك الانتداب على فلسطين؟ مين اللى كان قائم بالانتداب على فلسطين؟ مين اللى سلمته عصبة الأمم - بعد الحرب العالمية الأولى - حق الانتداب على فلسطين؟ بريطانيا، مين اللى ادى وعد "بلفور" سنة 17؟ بريطانيا، مين اللى سبب نكبة أهالى فلسطين بأنه سمح للصهيونيين انهم يتسلحوا والعرب انهم ما يتسلحوش؟ بريطانيا؛ لأنها هى اللى كانت قائمة بالانتداب، وكانت تعلم أن هناك منظمات إرهابية، وتعلم أن هناك منظمات مسلحة، وتعلم أن فى داخل إسرائيل جيش اسمه جيش "الهاجناه" مسلح بأسلحة حديثة، وحيقوم علشان يستولى على فلسطين، ويقضى على العرب قضاءاً كاملاً
بريطانيا - وهى تعلم هذا - جات فى يوم 15 مايو سنة 48 وسابت العرب للصهيونيين، وهى تعلم أن الصهيونيين مسلحين وتسليحهم قوى، وان العرب عزل من السلاح. ماذا كانت تهدف بريطانيا من هذا؟ بل ماذا كان يهدف الاستعمار؟ وماذا كانت تهدف أمريكا؛ اللى اعترفت بإسرائيل يوم 15 مايو، بعد دقيقة من إعلانها؟ كانوا يهدفوا حاجة واحدة، يجب ان كل فرد فينا يعرفها ويعلمها لأولاده، القضاء على قوميتنا.. بيعتبروا ان احنا لنا قومية تجمعنا من المحيط الأطلسى إلى الخليج الفارسى، كلنا عرب بنتكلم لغة عربية، هذه قوة يجب أن يعمل لها حساب، إذا استيقظت فستكون قوة دولية كبرى، كيف السبيل إلى تلافى هذا فى المستقبل؟
ييجوا على حتة زى فلسطين - لأول مرة فى التاريخ؛ فى تاريخ العالم، يحدث ما حدث فى فلسطين - يقضوا على أهل فلسطين قضاء كامل، ويجيبوا بدلهم الصهيونيين. كان بيحصل غزو.. كان بيحصل فتح.. ألمانيا فتحت فرنسا.. غزت فرنسا كذا مرة، وبعدين ألمانيا غزيت فى الحرب العالمية التانية، بلاد كتير غزيت، ولكن ماكانش فيه إبادة للجنس، ماكانش فيه إبادة للقومية، بعد الحرب كل واحد بيرجع بلده، ولكن الجنس يبقى والقومية تبقى
ما حدث فى فلسطين كان عملية إبادة، ولم تكن هذه العملية تهدف إلى إبادة فلسطين فقط؛ ولكنها كانت تهدف إلى إبادة القومية العربية جميعاً.. كانت تهدف إلى القضاء على القومية العربية، وكان الصهيونيون يعلنون دائماً أن وطنهم المقدس يمتد من النيل إلى الفرات، وكان الصهيونيون - لغاية وقت قريب - بيقولوا: ان احنا عايزين نستأنف حرب التحرير لنحرر سينا - يحرروا سينا من مصر! - ونحرر الأردن من العرب، ويحرروا جزء من العراق.. بيقولوا هذا الكلام، وبيقولوه فى البرلمان بتاعهم.. بيقولوا عايزين نكمل حرب التحرير
إذن لم تكن العملية عملية فلسطين، ولم تكن العملية فقط وطن قومى لليهود؛ ولكنها كانت عملية إبادة.. إبادة للقومية العربية، وإبادة للعرب.. إبادة كاملة.. قضاء على جنس كامل. كان لازم نطلب سلاح علشان ندافع عن نفسنا؛ علشان ما نبقاش لاجئين زى ما أصبح أهالى فلسطين لاجئين وهم فى حماية بريطانيا تحت الانتداب. كان لازم نجد سلاح بأى سبيل من السبل، وبأى طريقة من الطرق؛ حتى لا نكون دائماً تحت هذا التهديد، وحتى لا نكون دائماً تحت تهديد الاستعمار بأن يحرك ضدنا ربيبته إسرائيل، وصديقته إسرائيل
جبنا السلاح، وتعاقدنا على هذه الأسلحة، وأحب أن أقول لكم احنا نؤمن بمبادئ؛ كانت هذه الأسلحة بدون قيد ولا شرط، ندفع تمنها بس.. مافيش أى قيد، مافيش أى شرط، وهذه الأسلحة اليوم أصبحت ملك لنا
بعد إعلان صفقة الأسلحة أرسلت واشنطن مندوب إلى مصر - "مستر ألان".. "جورج ألان" اللى هم نقلوه، ودوه أتينا الجمعة اللى فاتت - جا هنا مندوب إلى مصر يحمل رسالة من الحكومة الأمريكية، وكان مفروض انه حيقابلنى، وجت التلغرافات من واشنطن ووكالات الأنباء تقول: إن "مستر ألان" يحمل إنذار إلى مصر.. "مستر ألان" يحمل تهديد إلى مصر، تهديد بقطع كذا وقطع كذا، وعمل كذا وعمل كذا. وبعدين اتصل بى أحد الأمريكان الرسميين وطلب مقابلة خاصة، قابلته، قال لى: إنه متأسف جداً على الحالة يمكن اللى وصلت إليها العلاقات بين أمريكا ومصر، إن "ألان" معاه رسالة شديدة من حكومة أمريكا قد تمس القومية المصرية والعزة المصرية، وإنى أطمنك بهذا الخصوص ان هذه الرسالة مش حيكون لها أثر؛ لأن سنستطيع أن نقضى على آثارها، وأنا أنصحك انك تقبل هذه الرسالة
سألته.. قلت له رسالة فيها إهانة للقومية المصرية والعزة المصرية؟.. يعنى إيه إهانة للقومية المصرية والعزة المصرية؟! قال: دى رسالة من "مستر دالاس" وهى رسالة شديدة جداً، واحنا مستغربين كيف أرسلت هذه الرسالة! وان احنا نطلب منك أنك تكون هادئ الأعصاب - وأنت طول عمرك هادئ الأعصاب - وتقبل هذه الرسالة بأعصاب هادئة: بعدين قلت له ازاى بس أقبل رسالة يعنى فيها تهديد، فيها جرح للعزة المصرية؟! فقال: لن تترتب على هذه الرسالة أى نتيجة عملية، وأنا أضمن لك هذا، هى بس رسالة مكتوبة حتجرح العزة المصرية فى الجواب، لكن فى العمل مش حتجرح العزة المصرية
قلت له اسمع أنا مانيش رئيس وزارة محترف، أنا رئيس وزارة جاى بثورة، وعمرى ما فكرت فى حياتى إنى أنا حابقى رئيس وزارة، يعنى دى عملية جات بهذا الشكل. مندوبكم إذا جا لى المكتب واتكلم كلمة حاطرده بره المكتب.. دا كلام رسمى، وحاطلع أعلن.. حاعلن للشعب المصرى انكم أردتم أن تهينوا عزته وتهينوا كرامته، وسنقاتل جميعاً لآخر قطرة فى دمائنا، وأنا عن نفسى سأقاتل فى سبيل عزة مصر وكرامتها لآخر قطرة فى دمى؛ لأن هذه هى المبادئ اللى أنا قمت من أجلها.. دى المبادئ اللى أنا قمت من أجلها. حتهددوا بقطع معونة، مافيش تهديد، حاطلع أعلن قطع المعونة، تهددوا بأى شىء، سأعلنه، وأحب انكم تعرفوا ان احنا ما أخدناش دروس فى الدبلوماسية ولا فى السياسة، احنا ناس قمنا بثورة، وبنتجه إلى تحقيق أهداف هذه الثورة
الكلام دا حصل فى أوائل أكتوبر، وبعدين جا لى تانى.. طلبنى تانى، وقال لى: إنه راح بلغ هذا الكلام لـ "مستر ألان"، وإن "مستر ألان" محتار.. بيقول: لو جا لك يبلغك هذه الرسالة حينطرد، ولو راح لـ "مستر دالاس" من غير ما يبلغ الرسالة، "مستر دالاس" حيطرده، إيه اللى يحصل؟ (ضحك من الجماهير) قلت له والله أنا ما اعرفش، أنا أعرف شىء واحد؛ إنه إذا جا بلغنى هذه الرسالة حاطرده، كون "دالاس" حيطرده أو ما يطردوش دا موضوع ما يهمنيش. وجا "مستر ألان" وما فتحش بقه بكلمة، قعد واستمع إلى وجهة النظر المصرية، وقال وجهة النظر الأمريكية بإيجاز
فدى الضجة اللى حصلت بعد السلاح.. تهويش، تضليل، بيعاملونا على أساس زمان.. فاهمين ان احنا سياسيين محترفين، ولكن استطاعت مصر أن تحافظ على عزتها، وأن تحافظ على كرامتها. قامت ضجة فى كل مكان علشان الأسلحة، وتهديدات، وكنت باقرا الجرايد البريطانية والفرنسية والأمريكية كل يوم.. اقرا فيها العجب، شتيمة لا حد لها، وكنت أقول يعنى إنهم يستطيعوا أن ينفسوا بهذا لسبب واحد؛ هم بيشتمونا مش علشان خدنا سلاح، بيشتمونا لأن احنا فلتنا.. فلتنا من الخية اللى كانوا عاملينها لنا.. فلتنا من السلاسل اللى كانوا بيحطونا فيها.. فلتنا، واستطعنا ان احنا - غصب عنهم - نبنى بلدنا، نبنى قوتنا، ونقرر سياسة مستقلة حقيقية
دى ضجة الأسلحة، ودى صفقات الأسلحة.. طبعاً الباقيين كانوا بيهددوا وبيتكلموا، ولكن أنا ليه كنت باتكلم هذا الكلام؟ كنت باتكلم وأنا مطمئن - يا إخوانى - كل الاطمئنان، كنت باتكلم وأنا باشعر بالقوة، ليه؟ لأنى كنت أشعر ان هذا الشعب جميعه - 23 مليون - كلهم حيكافحوا فى سبيل العزة اللى تحققت، وفى سبيل الاستقلال لأخر قطرة فى دمهم.. هذا الشعب جميعه.. ماكنتش باتكلم بقوة جمال عبد الناصر، أنا حاقاتل على أد ما أقدر، وزى ما قلت لهم لأخر قطرة فى دمى، وفعلاً لأخر قطرة فى دمى، ولكن كنت متأكد أيضاً انكم جميعاً.. كل أبناء مصر حيقاتلوا لأخر قطرة فى دمهم، مافيش تفرقة.. مافيش حزبية.. مافيش انقسامات ينفذوا منها كما كانوا ينفذوا فى الماضى، وإنما نحن جميعاً كتلة وطنية، جبهة متحدة وراء أهداف هذه الثورة اللى قامت سنة 52 تعبر عن آمالنا. كنت أتكلم بقوة.. أتكلم بهذه الشجاعة لأنى عارف إن ضهرى مسنود.. مسنود بكم أنتم.. ومسنود بقوتكم، مسنود بعزيمتكم، مسنود بتصميمكم
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]