[size=24]دا كان موقفى.. مش العملية شجاعة من جمال عبد الناصر، أو قوة من جمال عبد الناصر.. العملية شعب متحد، شعب قوى.. جمال عبد الناصر بيحس ان ضهره مسنود.. بيحس إنه وراه شعب قوى قاتل على مر الأيام، وكافح على مر الأيام، ومستعد أن يقاتل، ومستعد أن يكافح.. شعب قوى عرف طعم الحرية وعرف طعم العزة، وشاف لأول مرة علم بلده بيرتفع وحيد.. شعب قوى، حس بهذه الأحاسيس، مستعد إنه يقاتل، مستعد إنه يضحى زى ما ضحى محمود حافظ وصلاح مصطفى فى الأسابيع اللى فاتت، وكانت أخر كلمة قالها صلاح مصطفى.. أخر كلمة قالها صلاح مصطفى بعد ما أغمى عليه يومين، قال: الحمد الله، بلغوهم فى مصر علشان يخلوا بالهم.. كانت أخر كلمة قالها صلاح مصطفى؛ لأنه كان يؤمن بمبادئ
دى الطينة اللى خلق منها هذا الشعب.. صلاح مصطفى واحد منكم، ابن تاجر من المنصورة، اتعلم فى مدرسة المنصورة، وخرج فى الفلاحين.. فى الدقهلية وفى المنصورة، يحس بإحساسكم ويشعر بمشاعركم. كنت حاسس إن ورايا 22 مليون صلاح مصطفى، كل واحد فيهم حيضحى بدمه ويضحى بنفسه فى سبيل إرساء قواعد العزة، وفى سبيل إرساء الاستقلال
دا الدافع اللى كان بيدينى القوة، ودا الدافع اللى كان بيخلينى أكلم مندوب الحكومة الأمريكية - بأساطيلها وقوتها وعظمتها - هذا الكلام، وأقوله ان أنا حاطرده.. حاطرده لأنى عارف ان الشعب المصرى لن يقبل هذا، وسيكافح ضد هذا، وسيقاتل فى سبيل حريته لأخر نقطة دم فى عروقه
وانتهت.. انتهت قصة المفاوضات والأحلاف الأولانية، وبعدين انتهت قصة السلاح، وبدأت قصة السد العالى
فى سنة 53 - يا إخوانى - زى ما قلت لكم عملنا خطة للتنمية الإنتاجية؛ لزيادة الدخل القومى، وقلنا يجب ان احنا نزيد الدخل القومى بسرعة مضاعفة؛ لسبب.. احنا بنزيد كل سنة نص مليون، يعنى بعد 30 سنة حنبقى حوالى 40 مليون، ومستوى المعيشة بتاعنا يعتبر مستوى معيشة منخفض
إذن قدامنا عمليتين نعملهم؛ العملية الأولى ان احنا ننتج لرفع مستوى المعيشة، وننتج حتى نوجد دخل للنص مليون اللى بيجوا لنا كل سنة؛ يعنى لازم إنتاجنا يكون مضاعف، الزيادة اللى علينا بتعوز زيادة فى الدخل القومى، زيادة مستوى المعيشة تحتاج إلى زيادة فى الدخل القومى. وابتدينا نفكر.. وجدنا ان مياه النيل بتتجه إلى البحر.. بتروح للبحر هدر كل سنة، قلنا: نستطيع أن نستفيد من مياه النيل.. فيه واحد جا قال لنا على مشروع.. مشروع السد العالى، من سنة 52، وضع موضع البحث سنة 53. هذا المشروع كان موجود من سنة 24، وكانوا بيقولوا على الراجل دا مجنون، ما كانش حد راضى يصدقه
ووضعنا هذا الموضوع موضع الدراسة، وبعدين قابلتنا عقبة التمويل. المشروع طلع مشروع صالح؛ يدينا حوالى مليون ونص فدان زيادة عن الأرض، يخلص بعد 10 سنين، يدينا كهربا حوالى 2 مليار كيلو وات، تزيد باستمرار. إذن مشروع فعلاً له دخل، وله تأثير فى مستوى المعيشة وفى رفع الدخل القومى. قلنا: فلنتجه إلى تنفيذ هذا المشروع بجانب تنفيذ المشروعات الأخرى الخاصة بتنمية الإنتاج، وابتدينا نقابل عقبة التمويل.. ما عندناش فلوس كفاية علشان ندفع نفقات هذا المشروع؛ اللى هى حوالى ألف مليون دولار.. من 800 لـ 1000 مليون دولار على 10 سنوات
فى سنة 53 اتصلنا بالبنك الدولى - كلكم طبعاً دلوقت عندكم فكرة عن البنك الدولى بعد البيانات اللى طلعها والردود عليه - اتصلنا به سنة 53 وطلبنا منه - واحنا مشتركين فى البنك الدولى ودافعين فى صندوق البنك الدولى 10 مليون دولار من فلوسنا - إنه يساهم معانا فى تمويل هذا المشروع. فقال يعنى: إن فيه عقبات، والأحوال عندكم لا تدعو إلى الاطمئنان، فيه الإنجليز وفيه إسرائيل، أما تسووا موضوعكم وخلافكم مع الإنجليز، وتسووا موضوعكم وخلافكم مع إسرائيل، نبقى نمول هذا المشروع، وكمان أنتم يعنى ما عندكوش نظام برلمانى، احنا نطلب منكم إنكم تعملوا استفتاء على هذا المشروع
**********
دا الكلام اللى قالوه، وكان كلام غريب جداً! أما رجع وزير المالية بهذا الكلام، كان من الواضح ان مافيش مساعدة حنالها من البنك الدولى، فقلنا نعتمد على أنفسنا، ونعتمد على شركات الصناعة اللى حتعاوننا فى بناء هذا السد. اتصلنا بالشركات الألمانية وبالحكومة الألمانية، وبعدين قالوا إن هم مستعدين يدونا 5 مليون جنيه كقرض متوسط الأجل، وبعدين اتفقت الشركات الألمانية مع الشركات الفرنسية مع الشركات الإنجليزية - طبعاً اتفقوا على إنهم حيأخدوا هذا المشروع لأنهم حيكسبوا منه؛ لأن المشروع بحوالى بليون دولار، أما حيشتركوا فيه طبعاً حياخدوا حوالى تلت هذا المبلغ أو نص هذا المبلغ فى الحاجات اللى حيدوها لنا، فيه تنشيط لصناعتهم - وبعدين قالوا لنا التلاتة كلهم 5 مليون على أساس قرض متوسط
فى شهر نوفمبر سافر وزير المالية إلى لندن وقابل وزير المالية الإنجليزى "مستر باتلر"، واتكلم معاه، فقال له: إن هم مستعدين يرفعوا هذا القرض المتوسط الأجل من 5 مليون لـ 15 مليون - يعنى يبقوا التلاتة 45 مليون - يدونا قرض عملة أجنبية علشان نمول السد العالى، والباقى نكمله احنا عملة مصرية، فسافر وزير المالية إلى واشنطن على هذا الأساس
الأمريكان قالوا: إنهم كانوا مقررين لمصر 40 مليون دولار معونة، كانوا مقررينها على الورق، لكن ما ادوناش - دا الكلام دا كان فى ديسمبر - هم كانوا مقررينها من يونيو اللى قبله، لمصر 40 مليون دولار معونة، والمفروض انهم حيدوها لنا، ولكن كنا بنطالب، كان باين انهم مش ناويين أبداً يدونا هذه المعونة، فقالوا: طبعاً احنا نستطيع ان احنا نحول لكم هذه المعونة للسد العالى
الإنجليز رجعوا فى كلامهم، قالوا: إنكم تاخدوا قرض من البنك الدولى، وان احنا نديكم معونة 16 مليون دولار؛ فالإنجليز يدونا معونة 16 مليون دولار، يعنى 5 مليون جنيه، والأمريكان يدونا معونة حوالى 56 مليون دولار، يعنى حوالى 20 مليون جنيه
دى المعونة اللى هم عرضوها، 20 مليون جنيه من الأمريكان، و5 مليون جنيه من الإنجليز، والبنك الدولى قال: إنه مستعد يدينا 200 مليون دولار بعد 5 سنين - بعد البدء فى المشروع بخمس سنين - واحنا بقى فى الـ 5 سنين الأولى علينا نصرف من مالنا ومن عرقنا 300 مليون دولار. احنا حنصرف من جيوبنا 300 مليون دولار، الإنجليز حيصرفوا 16 مليون دولار كمعونة، والأمريكان حيصرفوا 56 مليون دولار كمعونة؛ دى المرحلة الأولى من بناء السد العالى اللى هى الـ 5 سنين الأولى، وبدءوا على هذا يشترطوا ويتحكموا
حدثت مباحثات فى ديسمبر فى أمريكا مع الحكومة الأمريكية ومع مندوب الحكومة البريطانية ومع مندوب البنك الدولى، وآخر هذه المباحثات الطويلة المريرة جت اقتراحات من البنك الدولى. هذه الاقتراحات جواب من البنك الدولى بعته لى، بيقول: إنه مستعد يشترك فى تمويل السد العالى بـ 200 مليون دولار، يعنى بعد 5 سنين، وإن الـ 200 مليون دولار مش حاخدهم مرة واحدة، حاخدهم على أجزاء زى ما أنا عايز، كل جزء نتفاوض فيه، وبعدين حط فى هذا الجواب شروط يجب ان مصر تتبعها علشان تستطيع انها تاخد هذا القرض من البنك الدولى
البنك الدولى قال: يقدم البنك الدولى 200 مليون دولار إذا طلبها التمويل بالعملات الأجنبية، تمويل البنك - دفع الفلوس دى - يتوقف على الاتفاق على شروط القرض، وشروط القرض دى نتفاوض عليها من وقت لآخر، وطبعاً يا نتفق يا ما نتفقش، وبعدين قال: إن هذا القرض يتوقف على الشروط الآتية
يجب أن يطمئن البنك اطمئنان كامل إن العملات الأجنبية المطلوبة، اللى حتيجى من المنحة الإنجليزية والمنحة الأمريكية، ما تتقطعش، يعنى البنك ربط نفسه بالمنحة الإنجليزية والمنحة الأمريكية، قال: اديكم 200 مليون دولار على شرط ان الإنجليز والأمريكان يكونوا راضيين عنكم ويدوكم المنحة
وبعدين الشرط التانى: يجب أن يتفاهم البنك - البنك الدولى - مع الحكومة المصرية، ويتفق معها من وقت لآخر.. يتفق على إيه؟ يتفق حول برنامج الاستثمار.. برنامجنا الخاص بالاستثمار والتصنيع لازم هو يتفق معانا ويوافق عليه؛ وصاية من البنك الدولى على الحكومة المصرية! تانى حاجة.. حول الحاجة إلى ضبط المصروفات العامة للدولة مع الموارد المالية التى يمكن تعبئتها.. لازم أنا أتفق معاه ازاى أظبط مصروفات الدولة، ولازم البنك الدولى يوافق على هذا الكلام
وبعدين لا تتحمل الحكومة المصرية أى دين خارجى.. ما نستلفش من حد أبداً ولا مليم، وكذا اتفاقات دفع.. ما نعملش اتفاق دفع زى اتفاق الأسلحة مع روسيا، ما نعملوش إلا بعد موافقة طبعاً البنك
كذا اتفاقات دفع تزيد عن الكميات المتفق عليها بين الحكومة المصرية والبنك بين وقت وآخر؛ حتى يكون البنك على بينة دائماً من أحوال مصر، وتتفاهم مصر مع البنك مقدماً قبل الاتفاق على أى التزام
وبعدين قال: إن تنظيم المشروع وتنفيذ المشروع وإدارة المشروع، وإدارة كل مرحلة من مراحل المشروع تخضع للاتفاق بين الحكومة المصرية والبنك
كل الشروط دى، وبعدين الآخر كتب فى آخر الجواب إيه؟ قال: وأخيراً يجب أن تعلمون أن اتفاقات البنك للمساعدة فى إقامة المشروع خاضعة - بلا شك - لإعادة النظر فيها إذا جدت ظروف استثنائية تستلزم ذلك
دا الجواب اللى بعته لى البنك بعد مفاوضات ديسمبر
الحكومة الأمريكية بعتت مذكرة، والحكومة البريطانية بعتت مذكرة، والبنك بعت الجواب دا. الحكومة الأمريكية تحيلنى على مذكرة الحكومة البريطانية وجواب البنك، وجواب البنك يحيلنى على مذكرة الحكومة البريطانية ومذكرة الحكومة الأمريكية، مذكرة الحكومة الإنجليزية تحيل على دى... يعنى العملية بقت عقدة، وظهر ان فيه هناك فخ بيعمل لنا للسيطرة على استقلالنا الاقتصادى
هذا الكلام رفض رفض بات، وقلنا: ان احنا مش ممكن نبيع نفسنا بـ 70 مليون دولار معونة
اتكلمنا مع الأمريكان، وقلنا لهم: هل فيه شروط زى دى على المعونات اللى بتعطى لإسرائيل؟ الـ 40 مليون اللى اعتمدوا لمصر كمعونة تعطى لنا علشان نصرفها ما أخدناهاش، ودلوقت بتقولوا نديها لكم تبعاً لشروط البنك الدولى، والبنك الدولى عايز يبعت مدير يقعد مطرحى فى مصر، وحنقدر نمشى ازاى بهذا الكلام؟ هذا الكلام يتنافى مع سيادتنا، يتنافى مع استقلالنا، يتنافى مع مبادئنا
قلنا لهم: إذا كنتم عايزين تدونا مساعدة، ادونا مساعدة على طول نصرفها زى ما نصرفها، وقارنا بين موقفنا وموقف العرب بإسرائيل، وقلنا: إنكم بتقولوا انتم أصدقاء العرب، إيه المساعدات اللى انتم بتدوها لإسرائيل؟! المساعدات اللى بتديها أمريكا لإسرائيل، واللى أنا ذكرتها وأذكرها لكم.. الهبة السنوية من الحكومة الأمريكية لإسرائيل منذ قيامها حتى الآن من 30 إلى 50 مليون دولار.. إسرائيل كل سنة بتأخد من أمريكا ما بين 30 و50 مليون دولار. المساعدة الفنية اللى بتاخدها إسرائيل من أمريكا تبلغ سنوياً من 6 إلى 14 مليون دولار. المواد الغذائية الفائضة التى تهديها أمريكا لإسرائيل كل سنة 7 مليون دولار. رءوس الأموال الأمريكية الموظفة فى إسرائيل ومشاريع إسرائيل 214 مليون دولار. اللى اتباع من سندات قرض الدولار الإسرائيلى فى أمريكا حتى الآن 234 مليون دولار. فى 12/7 سنة 55 أعطى بنك أمريكا قرض لإسرائيل قدره 30 مليون دولار. ما جمع من جباية اليهود فى أمريكا لإسرائيل حتى الآن - ودا معفى من الضرائب بقانون أمريكى - 3 آلاف مليون دولار. ما أعطى لإسرائيل من أمريكا من قروض رسمية 164 مليون دولار. ما أرسل من تبرعات وهدايا للمؤسسات الإسرائيلية 117 مليون دولار. مجموع التعويضات الألمانية - التعويضات اللى بتدفعها ألمانيا الغربية النهارده، واللى وافقت على انها تدفعها سنة 53 بواسطة ضغط أمريكا - 3 آلاف و500 مليون دولار، تدفع كل سنة جزء منها بضائع وسفن ومصانع
برغم هذا عجز ميزانية إسرائيل التجارى فى العام 230 مليون دولار، هذا العجز بيسدد كله من المساعدات الأمريكية، تبرعات يهود أمريكا فى الستة شهور الأولى من 1956 بلغت 65 مليون.. فى الست شهور الأولانيين من السنة دى 65 مليون دولار، يقابلها 58 مليون دولار جمعت خلال سنة 55 كلها
دى المساعدات اللى بيدوها لإسرائيل، فاللى عايز يساعد بيدى، دا يعنى موضوع بيرجع إلى الرغبة.. اللى عايز يعاون واحد بيدى له، وطبعاً إسرائيل - زى ما نعرف - ربيبة أمريكا؛ فهى بتاخد معونات؛ لأن إسرائيل بدون هذه المعونة لا تستطيع أن تعيش. دا بالإضافة إلى طبعاً حيدوهم معونة حاجات ما قلتهاش؛ يدوهم معونة علشان يوطنوا اللاجئين - مش اللاجئين العرب؛ اللاجئين الصهيونيين اللى جايين من شمال إفريقيا، واللى جايين من بلاد أوروبا - 50 مليون دولار بناء على اتفاقية بين أمريكا وبين إسرائيل
اتكلمنا مع ممثلين أمريكا، وقلنا لهم: فى فترة 5 سنين سيصرف على السد العالى 370 مليون دولار، 300 مليون مصر حتدفعهم و70 مليون انتم حتدفعوهم، وبعد كده المشروع اللى حيتكلف بليون دولار - ألف مليون دولار - البنك الدولى حيدفع منه 200، وانتم دفعتم منه 270، واحنا حندفع حوالى 730 مليون دولار، ازاى أنا اللى حادفع 730 مليون دولار أسلمك الخزنة بتاعتى، وأسلمك الحساب بتاعى، وما اعملش حاجة إلا بأوامرك؟! ما اعملش اتفاق دفع إلا أما آخد إذن من البنك الدولى، ما اعملش قرض إلا أما آخد إذن من البنك الدولى، ما أقدرش أقرر مشاريع داخلية إلا أما آخد إذن من البنك الدولى، ما أقدرش أقرر خطة تنمية إلا أما آخد إذن من البنك الدولى.. ازاى بس؟! مين يقبل هذا الكلام؟
قلت لهم: ان احنا لنا تجربة فى هذا.. تجربة، وان احنا استغلينا، وان احنا احتللنا على هذا الأساس، وإن النتيجة جا "كرومر" قعد لنا هنا فى مصر. ورفضنا هذا رفض كامل، وقلنا: ان احنا لن نقبل هذه الطريقة
**********
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]