بوجي: «اليوسادة» الأمريكية تريد حرماني من بكين وتدميري
حوار حنان عبدالله ٢٢/٣/٢٠٠٨
«بطل العالم في المصارعة».. لقب كاف لكي ندرك أهميته عالمياً، ونعرف قيمته باعتباره ثروة للرياضة المصرية، وكفيل ببذل كل الجهد من أجل الدفاع عنه، والوقوف إلي جانبه في أزمته.
محمد عبدالفتاح «بوجي» علي المستوي الإنساني «خلوق».. وعلي المستوي الفني «بارع»، مصارع تكتيكي من الدرجة الأولي.. استعانت به أمريكا لمساعدتها في رفع مستوي لاعبيها، فبعد أن كانوا يحتلون المركز الثامن عشر أصبحوا أبطالاً للعالم في المصارعة بفضل توجيهاته وذكائهم في الاستفادة منه، وفي الوقت الذي أهمله فيه بلده، فتحت له أمريكا ذراعيها، ووفرت له كل ما يحتاجه.
ولكن مسؤوليها كعادتهم دائماً عندما يبلغون هدفهم يحاولون إما تجنيس اللاعب، أو القضاء عليه، حتي لا يستفيد منه بلده إذا رفض عرضها، وهو ما حدث مع المصارع العالمي «بوجي»، الذي أعاد للمصارعة المصرية بريقها ومكانتها في المحافل الدولية، ولكن الأيادي الخفية طاردته من أجل تدميره.
في هذا الحوار كشف بوجي أبعاد أزمته وكيفية التغلب عليها:
* حدثنا عن أزمتك؟
- ما حدث أنه بعد فوزي ببطولة العالم عام ٢٠٠٦ في وزن ٨٤ كيلو أجريت عملية جراحية في غضروف الركبة خلال شهر نوفمبر بالقاهرة، ثم سافرت إلي الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال معسكري التدريبي هناك، استعداداً للأولمبياد في بكين، بعد أن أهداني الاتحاد الأمريكي منحة مجانية، انضممت علي إثرها إلي معسكر تدريبي مفتوح المدة الزمنية، لكي يستفيدوا من خبرتي، وفي المقابل يوفرون لي كل ما أحتاجه من أجل التأهل للأولمبياد والمحافظة علي لقبي كبطل للعالم، وكان لهذا المعسكر دور كبير في فوزي ببطولة العالم.
وأثناء معسكري التدريبي هناك استعداداً للمشاركة في بطولة العالم ٢٠٠٧ بأذربيجان من أجل التأهل عاودتني الآلام مرة أخري، فأكد لي طبيب المنتخب الأمريكي ضرورة إجرائي عملية جراحية أخري، فأرسلت خطاباً للاتحاد الدولي للعبة أخبرته فيه بأنني مصاب، وأنني سوف أجري عملية جراحية في ٥ يوليو ٢٠٠٧ حتي يكون علي علم بأنني في فترة علاج، ولكن بعد العملية بعشرة أيام فقط حضر إلي المعسكر شخص طرق باب غرفتي بالفندق، وقال لي إنه مندوب الوكالة الأمريكية للمنشطات (اليوسادة)، وطلب مني عينة تحليل منشطات، فطالبته بإثبات شخصيته فأطلعني علي ورقتين مصورتين دون الأصل، وغير واضحتي المعالم، ولا يوجد عليهما توقيع، بالإضافة إلي عدم وضوح ختم الاتحاد الدولي وبتواريخ قديمة.
فقلت له: امنحني فرصة للاتصال بالاتحاد الدولي، لكي أتأكد من شخصيتك، نظراً لعدم وضوح هذه الأوراق، بالإضافة إلي أن الاتحاد الدولي لم يبلغني بالأمر، لأنه يعلم أنني في فترة علاج، كما أنني أعلم جيداً أن الجهة الوحيدة المنوطة بأخذ مثل هذه العينات هي المنظمة الدولية للمنشطات (الوادا)، وكل هذه الأحداث لم تستغرق سوي ٢٠ دقيقة فقط، فما كان منه إلا أن تحدث ببعض العبارات التي لم أفهمها لعدم إتقاني اللغة الإنجليزية، وتركني وذهب.
* وماذا فعلت بعد ذلك؟
- اتصلت علي الفور بالاتحاد الدولي للمصارعة وأخبرته بما حدث، فطلب مني إرسال إيميل أو فاكس رسمي بما حدث، كما اتصلت بالاتحاد المصري وأكد لي مسؤولوه أنه لا توجد لديهم أدني فكرة بالأمر، وأنهم سوف يجرون اتصالاتهم بالاتحاد الدولي لمعرفة ماذا يحدث.
* وماذا كان رد الاتحاد الدولي؟
- أرسل لي فاكساً أخبرني فيه بأنه لن يبت في الأمر قبل أن يتسلم تقرير «اليوسادة» عن الواقعة، وبالفعل أرسلت «اليوسادة» تقريراً يفيد بأنني رفضت منحهم عينة منشطات، وطالبت بإيقافي عامين وفقاً لقانون الاتحاد الدولي، ولكن الاتحاد الدولي اكتفي بمنحي لفت نظر فقط، نظراً للملابسات التي ذكرتها وأنني في فترة علاج ولا يجوز أخذ عينة مني.
* وما هو رد «اليوسادة» علي القرار؟
- اعترضت علي القرار ورفعت قضية علي الاتحاد الدولي وعلي في المحكمة الرياضية الدولية، قبل إقامة بطولة العالم بأسبوع من أجل إيقافي عامين وحرماني من المشاركة في الأولمبياد، رغم أن القانون ينص علي أن الاتحاد الدولي وحده هو الذي من حقه توقيع عقوبات علي اللاعبين، وأن من حق «اليوسادة» الاعتراض فقط علي القرار وليس رفع قضية ضده.
* وما الذي حدث بعد ذلك؟
- قبل مشاركتي في الميزان في البطولة بأذربيجان فوجئت بمندوب الاتحاد الدولي يخبرني بأنه غير مسموح لي بالمشاركة وفقاً للقضية المرفوعة ضدي وموقوف عن اللعب حتي إصدار قرار نهائي في القضية وبالفعل لم أشارك.
* وبماذا أحسست في ذلك الوقت؟
- أحسست بالظلم والانكسار لا يوصف، لأن كل ما بذلته من تدريب شاق ومعسكرات ومجهود ضاع هدراً وظلماً من أشخاص لا يهمهم سوي تدميري.
* وما موقف الاتحاد المصري من هذا الأمر؟
- اتفق مع محام ألماني للدفاع عني في القضية، ووفر له الأوراق اللازمة، وبالفعل قدم المحامي مذكرة دفاع تضمنت الأحداث السابقة، وأوضح فيها مدي التعنت في الإجراءات وعدم أحقية «اليوسادة» في أخذ عينة مني، لأنني كنت مصاباً، بالإضافة إلي أنها لم توفر لي مترجماً أثناء تواجد مندوبها في المعسكر، وهو أمر ضروري ومنصوص عليه في القانون كما دعمني في ذلك الاتحاد الدولي للعبة برئاسة رافي مارتيني، الذي وقف بجانبي وساندني.
* ولكن المحكمة عاقبتك بالإيقاف؟
- اكتفت بإيقافي لمدة ٦ شهور انتهت في يناير الماضي، وشاركت بعدها في بطولة الجائزة الكبري بالمجر خلال شهر فبراير الماضي.
* ولماذا أعادت «اليوسادة» فتح ملف القضية مرة أخري؟
- لأنها تلعب علي ثغرة في القانون تقول إنه مادام اللاعب طرفاً في قضية مرفوعة ضده فيتم إيقافه حتي انتهاء القضية، ولذلك انتظرت حتي جاء موعد إقامة بطولة الأمم الأفريقية في تونس خلال شهر فبراير الماضي، ورفعت قضية جديدة لاستنزاف الوقت والضغط علي، لكي أنشغل بالقضية في الوقت الذي يغلق فيه جميع اللاعبين أبوابهم عليهم ويتدربون بقوة، استعداداً للأولمبياد، وكل ذلك من أجل حرماني من المشاركة فيها، وبالتالي عدم تأهلي للأولمبياد وهو هدفها الأساسي.
* من وجهة نظرك لماذا تريد «اليوسادة» حرمانك من المشاركة في الأولمبياد؟
- هذا السؤال حيرني كثيراً، لأنني لم أستطع أن أجد له إجابة محددة، ولكني وضعت عدة احتمالات قد تكون صحيحة، ومنها أنني رفضت عرض الاتحاد الأمريكي منحي الجنسية الأمريكية أكثر من مرة حيث يسعون لذلك منذ عام ٢٠٠٠، وقلت لهم إن ما يهمهم هو أن أتواجد مع الفريق لكي يستفيدوا من خبراتي، وكل ما يهمني هو أن أتمرن وأن يتاح لي كل ما أحتاجه ولذلك فلا داعي للجنسية علي الرغم من سعي الكثير لها، وهو ما التزمت به، فقبل انضمامي إليهم كان ترتيبهم المركز الثامن عشر علي العالم وبعد انضمامي استطاعوا أن يستفيدوا مني جيداً لأنهم يتميزون بالإنصات والاهتمام، وقد أنصتوا لي جيداً، وبفضل ذلك أصبحوا أول العالم.
كما أنهم استفادوا مني تكتيكياً، حيث كانوا يحضرون لي شرائط للاعبين، لكي أقول لهم مَنْ سيهزم مَنْ وكيف يهزمه، وما هي الحركات اللازمة لذلك، وقد يكون السبب هو أنني المنافس الوحيد لمصارعهم برادبيرن في ميزان ٨٤، حيث إنني من تولي تدريبه، وقد هزمته عشرات المرات، وأصبحت أمثل له عقدة، لذلك يرغبون في الإطاحة بي من أجل منحه الفرصة للفوز بالأولمبياد، وقد يكون هناك سبب آخر يتعلق بأمور سياسية أو عرقية باعتباري عربياً مسلماً، ولكني لا أعرف السبب الحقيقي!!
* أخبرنا بما حدث في تونس؟
- ما حدث في تونس أنني كنت مستعداً للمشاركة في البطولة الأفريقية المؤهلة لبكين، حيث أنقصت وزني بشكل كبير، حتي وصلت لوزني الأصلي ٨٤ كيلو، وأثناء عملية الميزان فوجئت بسكرتير عام الاتحاد الدولي ميشيل يخبرني بأنني موقوف، ولن أشارك للمرة الثانية، الأمر الذي أفقدني تركيزي للحظات، غير مدرك ماذا يحدث، خصوصاً أن نفس السيناريو يتكرر للمرة الثانية علي التوالي ومستقبلي في مهب الريح كما يقولون، ثم سألته: لماذا فقال لي إن هناك دعوي قضائية مرفوعة ضدي من «اليوسادة»، وبالتالي فلن يسمح بمشاركتي علي الرغم من أن اسمي موجود في قائمة المشاركين، علي الرغم من أنني شاركت في بطولة الجائزة الكبري بالمجر ولم تعلق «اليوسادة» علي ذلك، وبالفعل لم أشارك وشارك مكاني زميلي شاكر في وزني، وللأسف خسر ولم يتأهل.
* وماذا كان رد فعلك؟
- التقيت رئيس الاتحاد الدولي مارتيني هناك، وعرضت عليه الأمر، ووعدني بأنه سيمنحني الفرصة للتأهل عن طريق بطولتي إيطاليا وصربيا اللتين ستقامان في مايو المقبل، وأنه سيقف بجواري في القضية، لأنه يدرك تماماً أن ما يحدث هو خطة مدبرة ضدي، وأن مسألة المنشطات حجة لا أكثر، خاصة أن ثقافة المنشطات هذه متواجدة في جميع أنحاء العالم خاصة أمريكا، حيث إن كل لاعب هناك متعاقد مع أطباء ومعامل تحاليل تتولي إمدادهم بالمنشطات التي لايتم الكشف عنها في التحاليل الرسمية، حيث يعطونها للاعبين بنسب معينة لكي تحفظ أجهزة الجسم وظائفها.
وهناك مدارس في المنشطات مثل الصين وروسيا، بدليل لاعبة ألعاب القوي «جونز» التي حصلت علي ٥ ميداليات ذهبية في أوليمبياد أثينا، واعترفت بأنها كانت تتعاطي المنشطات، ولم يتم الكشف عنها في التحاليل التي أجريت لها، وأكد لي أنه حريص علي مصلحتي لأنني لاعب دولي متميز، وأن من هم مثلي في اللعبة قليلون جداً، لذلك فمن واجبه الحفاظ علي، وطالبني بالتدريب الجيد لأنني إذا فزت بميدالية ستكون باسمي أنا وبلدي مصر، وليس له مصلحة في ذلك.
* وما الخطوات القادمة في القضية؟
- ما تم هو قيام المحامي الألماني بإرسال مذكرة دفاع رسمية للمحكمة الرياضية الدولية تتضمن عدة نقاط منها الأسباب السابقة في القضية الأولي الخاصة بالعملية الجراحية والإجراءات والمترجم، بالإضافة إلي أنه استشهد بعدة شهود كانوا متواجدين معي في المعسكر بأمريكا، والأيام المقبلة ستشهد الجديد.
* وما المطلوب من الجهات المسؤولة؟
- أن يقفوا إلي جانبي من أجل حل هذه الأزمة، وأناشد الرئيس محمد حسني مبارك، راعي الرياضة والرياضيين، الوقوف إلي جواري حتي أحقق حلمي بالمشاركة في الأولمبياد وأحرز الميدالية الذهبية لمصر.
* وماذا ستفعل بعد نهاية الأزمة؟
- قررت أن أرفع قضية تعويض ضد كل من «الوادا» و«اليوسادة» في المحاكم المدنية الأمريكية، ولن اتنازل عن حقي بعد أن حاولوا تدمير مستقبلي، ولكنني أنتظر قرار المحكمة الرياضية الدولية، والأمر أصبح ثأراً شخصياً.