ان لنفسك عليك حق ,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إعلم أن الله عز وجل عليك حقوقا محيطة بك في كل حركة تحركتها أو سكنه سكنتها أو منزلة نزلتها أو جارحة قلبتها فأكبر حقوق الله تعالى عليك ما أوجب عليك لنفسه من حقه الذي هو أصل الحقوق ثم ما أوجب الله عز وجل عليك لنفسك من قرنك إلى قدمك على اختلاف جوارحك فجعل عز وجل للسانك عليك حقا ولسمعك عليك حقا ولبصرك عليك حقا وليدك عليك حقا ولرجلك عليك حقا ولبطنك عليك حقا .
ثم جعل عز وجل لأفعالك عليك حقوقا فجعل لصلاتك عليك حقا و لصومك عليك حقا ولصدقتك عليك حقا ولهديك عليك حقا ولأفعالك عليك حقوقا.
فطوبى لمن أعانه الله على ما أوجب عليه من حقوقه ووفقه لذلك وسدده.
فأما حق الله الأكبر
عليك فأن تعبده لا تشرك به شيئا فإذا فعلت ذلك بإخلاص جعل لك على نفسه أن يكفيك أمر الدنيا والآخرة. وحق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عز وجل فتؤدي إلى لسانك حقه وإلى سمعك حقه وإلى بصرك حقه وإلى يدك حقها وإلى رجلك حقها و إلى بطنك حقه وتستعين بالله على ذلك. وحق اللسان إكرامه وتعويده الخير والبر بالناس وحسن القول فيهم . وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه. وحق البصر أن تغمضه عما لا يحل لك وتعتبر بالنظر به. وحق يدك
أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك. وحق رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك فيهما تقف على الصراط فانظر أن لا تزل بك فتتردى في النار. وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام ولا تزيد على الشبع.
وحق الصلاة
أن تعلم أنها وفادة إلى الله عز وجل وأنك فيها قائم بين يدي الله عز وجل فإذا علمت ذلك قمت مقام الذليل الحقير الراغب الراهب والراجي الخائف المستكين المتضرع
وحق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك وفرار إليه من ذنوبك وبه قبول توبتك وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك. وحق الصوم أن تعلم أن حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك ليسترك به من النار
وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك عز وجل ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد عليها وتعلم أنها تدفع البلايا والإسقام عنك في الدنيا وتدفع عنك النار في الآخرة. وحق الهدي أن تريد به الله عز وجل ولا تريد به خلقه ولا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
وأما حق الزوجة
فأن تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكنا وأنسا فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها وإن كان حقك عليها أوجب فان لها عليك أن ترحمها لأنها أسيرك وتطعمها وتكسوها وإذا جهلت عفوت عنها.
وأما حق أمك
فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحدا وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحدا ووقتك بجميع جوارحها ولم تبال أن تجوع وتطعمك وتعطش وتسقيك وتعرى وتكسوك وتضحى وتظلك وتهجر النوم لأجلك ووقتك الحر والبرد لتكون لها فانك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه. وأما حق أبيك فأن تعلم أنه أصلك وأنه لولاه لم تكن فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه فاحمد الله واشكره على قدر ذلك ولا قوة إلا بالله.
وأما حق ولدك
فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره و شره وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عزوجل والمعونة له على طاعته فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه.
وأما حق أخيك
فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك فلا تتخذه سلاحا على معصية الله ولا عدة للظلم لخلق الله ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له فان أطاع الله وإلا فليكن الله أكرم عليك منه ولا قوة إلا بالله.
وحق أهل ملتك
اللهم اجعلنا نعطي كل ذي حق حقة