الخديوى اسماعيل والقاهره باريس

الخديوى اسماعيل والقاهره باريس

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

في سنة 1846م، عندما كان الأمير "إسماعيل" حفيد محمد علي باشا في السادسة عشرة من عمره، وصل إلى باريس لأول مرّة كطالب في البعثة التي عرفت ببعثة الأنجال؛ لأنها ضمت عدداً من الأمراء من أنجال محمد علي وأحفاده، ومن أول نظرة وقعت فيها عينا إسماعيل على باريس، سقط في غرامها على الفور، ذلك الغرام الدافق، الذي لازمه طوال حياته..

وربما بدأ ذلك الحلم، يختمر في رأس إسماعيل، في تلك الفترة المبكرة من عمره، أثناء نزهته الأسبوعية يوم الأحد - وهو اليوم الوحيد الذي كان يسمح فيه لأعضاء البعثة بالخروج للتنزه بحرية - كان حلم عمر الخديو إسماعيل الذي بذل في سبيله كل جهده وطاقته، طوال فترة حكمه، هو أن يصبح وطنه مصر قطعة حقيقية من أوروبا، بحضارتها وتصميماتها، وعلومها، وثقافتها..

أفكار أوروبا.. وملابسها!

لذلك فلم يكد حكم مصر يصل إليه، حتى بدأ في تنفيذ حلمه على الفور، دون أن يفكر في النفقات أو الأولويات، كان يطمح لأن تكون مصر دولة عظمى بين يوم وليلة، وهنا يكمن الفارق بين إسماعيل وجده العظيم "محمد علي" الذي حرص على أن يستفيد من علوم وثقافة أوروبا لا من مظاهرها، والذي أمر بحبس يوسف حككيان أفندي - أحد أوائل الطلاب الذين بعثهم محمد علي للدراسة فى إنجلترا- لعدة شهور في القلعة، لا لشيء، إلا لأنه عاد إلى مصر وقد ارتدى بذلة إفرنجية، بعدها أفرج عنه محمد علي ووبخه قائلاً: بعثتك لتعرف لنا أفكارهم لا لترجع لنا بملابسهم!

كانت البداية تغيير مقر الحكم، فقد كانت قلعة صلاح الدين هي مقر حكم مصر الرسمي من أيام الأيوبيين، وإلى أن تولى إسماعيل الحكم، ولكنه رأى أن قلعة الجبل لم تعد المكان الذي يليق بحاكم دولة حديثة مثله، فقرر بناء قصر جديد، يكون مقراً جديداً لحكام مصر..

وكان قصر عابدين...

واختار أن يكون موقع هذا القصر الجديد على أرض فضاء شاسعة غير بعيد عن ميدان العتبة.. وعلى مساحة ما يزيد على 25 فداناً كاملة (أكثر من 100 ألف متر مربع) بدأ في بناء القصر الجديد، وكان يقع في أحد جوانب هذه المساحة الشاسعة، بقايا قصر قديم لأمير مملوكي راحل، فعرض الخديو إسماعيل على أرملة هذا الأمير أن يشتري منها ذلك القصر القديم، مقابل أي مبلغ من المال ليهدمه، ويقيم على أنقاضه القصر الجديد، ولكنها رفضت أن تأخذ أي مقابل مادي من إسماعيل، ووافقت أن تتنازل له عن القصر القديم بلا مقابل، بشرط أن تُخلّد ذكرى زوجها عابدين بك بإطلاق اسمه على القصر الجديد..

وقد كان..
وهكذا ظهر للوجود قصر عابدين؛ ليصبح واحداً من أفخم وأجمل قصور العالم بأكمله، وليصبح من حينها (السراي) الذي شهد صعود وأفول نجم الأسرة العلوية..

والحقيقة أن قصر عابدين واحد من الأماكن التي تنجح في إبهاري في كل مرّة أزوره فيها، فبمجرد مرورك من أمام البوابة العملاقة للقصر تشعر أن تاريخ مصر الحديث كله يجري أمام عينك، يتكرر هذا الإحساس معي دائماً، حتى عندما ذهبت لزيارة متاحف قصر عابدين من يومين؛ لأكتب هذه الكلمات، دائماً ما تنقلني واجهة القصر الإيطالية إلى عالم آخر، حين كانت سياسة مصر كلها تتركز فيه، أتذكر سور القصر المصنوع من الحديد المشغول، يعلوه التاج الملكي والحرف الأول من اسم إسماعيل بالذهب الخالص، جيوش المهندسين والفنانين الأوربيين الذين استعان بهم إسماعيل لبناء القصر، وكيف كان يحلم في جناحه الخاص بالقصر ببناء مصر الحديثة، "أحمد عرابي" على صهوة جواده أمام القصر؛ ليطالب الخديو توفيق بمطالب الجيش، الإنجليز يعزلون خديو مصر المحبوب "عباس حلمي الثاني"، وينصبون صديقهم المقرب شقيقه حسين كامل سلطاناً على مصر نكاية في السلطان العثماني، ثم تصل سلطنة مصر إلى الأمير المفلس فؤاد الأول على غير توقع، ويترعرع أمير الصعيد فاروق الأول في جنبات هذا القصر المنيف، إلى أن تطيح حركة الضباط به وبحكم عائلته للأبد، لينتقل القصر من يد حكومية إلى أخرى، إلى أن يصبح في النهاية أحد القصور التابعة لرئاسة الجمهورية!

..صاحب الـ500 غرفة!

ورغم أن عابدين غير مستخدم الآن كمقر للحكم، إلا أن مجرد كون القصر تابع لمجموعة قصور رئاسة الجمهورية، معناه أن يكون في حالة استنفار دائم، وهو بالطبع ما لا يسمح بأن يدخله أي مواطن عادي، لذلك فقد اكتفيت بمشاهدة متاحف عابدين التي أقيمت على جزء صغير جداً من حدائق القصر، وعلى فيلم الفيديو الذي يعرضه المتحف ويصور القصر من الداخل، بالطبع لن يستطيع فيلم واحد أو حتى مجموعة أفلام كاملة، أن تعرض جميع أجنحة وتجهيزات القصر وغرفه التي تزيد عن الـ500 غرفة!

وإذا خرجنا من قصر عابدين واتجهنا إلى ميدان العتبة، فلا بد من أننا سنسير في شارع عبد العزيز الذي أمر بشقه الخديو إسماعيل ليربط بين ميدان العتبة الخضراء وقصر عابدين، التي رأى المهندس الفرنسي الذي استدعاه إسماعيل خصيصاً من فرنسا ليضع تخطيط القاهرة الحديثة – حتى تكون قلب العاصمة الجديدة -..

عندما كان إسماعيل طالباً في البعثة العلمية في باريس، كانت العاصمة الفرنسية تشهد ثورة في عالم المعمار، يقودها مهندس فرنسي هو "البارون هوسمان"، كان هوسمان هذا هو الذي ابتكر فكرة الشوارع المستقيمة العريضة والميادين الواسعة والحدائق العامة الشبيهة بالغابات، وعندما تولى إسماعيل الحكم، بعث يستدعي هوسمان لمصر، ولكنه اعتذر وأرسل بدلاً منه واحداً من أبرز مساعديه..

من باريس للقاهرة!

ولهذا فتسمية القاهرة بباريس الشرق، لم تكن محض مبالغة، ولكنها كانت تسمية حقيقية تماماً، فالذي صمم القاهرة الحديثة، هو ذاته من شارك في تطوير باريس..

وبهذه الطريقة ظهر ميدان (الإسماعيلية) الذي نعرفه اليوم باسم ميدان التحرير والذي كان قبل ذلك عبارة عن تلال من الأتربة والقاذورات، تتخللها برك ومستنقعات، فأصبح حي الإسماعيلية كما يقول العلامة علي باشا مبارك "من أبهج أخطاط (أحياء) القاهرة وأعمرها، وسكنها الأمراء والأعيان"، وظهر وسط البلد بأكمله ليكون قطعة حقيقية من باريس..

إذاً فلن نستغرب عندما نعرف أن حديقة الأزبكية التي تمتليء بالباعة الجائلين اليوم، كانت أيام الخديو إسماعيل نسخة طبق الأصل من حديقة اللوكسمبورج الباريسية الشهيرة، كما أن حدائق الأورمان بالجيزة - أشهر مكان لالتقاء المراهقين والهاربين من المدارس - كانت مصممة لتكون النسخة المصرية من غابات بولونيا!

وغير بعيد عن ميدان العتبة وميدان الإسماعيلية (التحرير) كانت تقع دار الأوبرا المصرية القديمة، التي بناها الخديو إسماعيل سنة 1869م لتكون أول دار أوبرا في الشرق الأوسط بأكمله، والتي احترقت في السبعينات وحل محلها الآن بناء إسمنتي قبيح اسمه جراج الأوبرا!

لا أعرف كيف كنا سنرى القاهرة أو مصر بأكملها اليوم لو لم يحكم الخديو إسماعيل مصر؟!، كيف سيكون شكل وسط البلد، كيف ستكون ذكرياتنا وحياتنا بدون كوبري قصري النيل بأسوده البرونزية الأربعة التي تم الانتهاء من تشييدها بأمر من الخديو إسماعيل سنة 1872م، وكانت عجيبة من عجائب ذلك العصر، لدرجة أن المواطنين البسطاء أطلقوا على الخديو إسماعيل "أبو السباع"!، وفي نفس تلك السنة تم الانتهاء من تشييد الكوبري الإنجليزي الذي نعرفه اليوم باسم كوبري الجلاء، وحتى لو لم يكن لدينا ذكريات مع كوبري قصر النيل، فماذا عن حديقة الأسماك، وعن حديقة الحيوانات التي أنشأها الخديو إسماعيل، وكانت واحدة من أفضل خمس حدائق حيوان في العالم، مع ملاحظة أن مساحتها كانت أكبر وأفخم مما هي عليه الآن، قبل أن يقتطع جزء عملاق منها ويضاف إلى كلية الهندسة، وقبل أن يتم غزوها بالباعة المتجولين من كل نوع، وبعد أن تغير جمهورها سواء كانوا مواطنين بسطاء أو أمراء وزعماء دول، وأصبحت حديقة الحيوان لا تزار بدون "حلة المحشي"!

من الكتبخانة للمياه العذبة!

والخديو إسماعيل هو الذي مد أنابيب المياه العذبة إلى بيوت القاهرة لأول مرّة بعد أن كان يحملها السقاءون في القرب، وأدخل في القاهرة نظام الإضاءة بغاز الاستصباح فازدادت العاصمة جمالاً على جمال..
وفي عهده تم إنشاء دار الكتب المصرية "الكتبخانة"، كما كلّف عالم الآثار الفرنسي "مارييت" بتنظيم الآثار المصرية، وترتيبها في متحف، وتكون بذلك المتحف المصري..

وفوق هذا حرص إسماعيل على تعميم الكنس والرش في شوارع القاهرة باستمرار، وهو الذي أمر بالمناسبة بشق عدد كبير من الشوارع، مازالنا نستخدمها إلى اليوم كشارع عبد العزيز، وشارع الهرم، وشارع الفجالة، كما أمر ببناء العديد من القصور الشهيرة كسراي القبة، وقصر الجزيرة الوسطى (فندق ماريوت حالياً) بالإضافة إلى قصر مينا الأهرام الذي أصبح اسمه الآن فندق مينا هاوس أوبروي!

ترى ماذا سيكون انطباع إسماعيل إذا رأى اليوم ما صنعناه بعاصمته الجميلة؟!، وهل سيستطيع استيعاب انعدام الجمال والذوق وكل هذا الزحام وتلال القاذورات والضوضاء والبنايات القبيحة التي تطل علينا من كل مكان؟!
لا أظن

الللللللللللللللللللللللللللللللللللللله

الللللللللللللللللللللللله

الله عليكى

فعلا أنتى مصرية******مصرية

وبنت مصرى فعلا

الله على التاريخ المصرى

لما بأقرأ التاريخ المصرى

كأنى أكلت خروف

بأحب مصر قوى

شكرا ليكى بجد

أمتعتينى

جزاك الله كل خير والحمد للة انة عجبك ويارب يعجب بقية الاعضاء واكيد احنا كلنا بنحب مصر قوى ولازم نعرف تاريخها كويس جدا

مجرد تفكيرك بس عن الكتابة

فى تاريخ مصر

دا يدل على أنك أنسانة ناضجة جدا وواعية وفاهمة

شكرا ليكى

لا شكر على واجب

الخديوى أسماعيل وحتشبسوت

بالتأكيد عندك من صفحات التاريخ

حاجات جميلة

يارب تعرضيها علينا

ان شاء الله

شكرا الموضوع يجنن اكتر من رائع

واللى كتبت الموضوع أنسانة مثقفة جدا

مستنى مواضيعك ياروبى

» شاطئ باريس الاصطناعى ,